تحدي الـ 66 يوماً: طريقة بسيطة وفعالة تغير طريقة تفكيرك تماماً
في عالمنا المعاصر، أصبح من الصعب على الكثير منا إحداث تغييرات جذرية في أنماط حياتنا أو تطوير عادات جديدة. السبب ليس فقط مشاغل الحياة اليومية، بل أيضاً التحديات النفسية التي نواجهها عند محاولة تغيير سلوكياتنا المتأصلة. تتنوع هذه التحديات ما بين الشعور بالإحباط بسبب فشل المحاولات السابقة، أو فقدان الحافز، أو ببساطة عدم وجود طريقة فعالة لتنفيذ هذه التغييرات. ومع ذلك، هناك تقنية مثبتة علمياً قد تساعد في التغلب على هذه العقبات، وهي تحدي الـ 66 يوماً.
ما هو تحدي الـ 66 يوماً؟
تحدي الـ 66 يوماً هو مفهوم أطلقته الباحثة البريطانية ميشيل روبنسون في عام 2009. بعد دراسة شملت مجموعة من المشاركين، توصلت إلى أن المدة الزمنية التي يستغرقها الدماغ لتغيير عادة أو سلوك بشكل ثابت ومستدام هي 66 يوماً، أي أكثر من شهرين بقليل. تقول روبنسون إنه بعد هذه المدة، يصبح السلوك الجديد عادة متجذرة تماماً في حياة الفرد بحيث لا يحتاج إلى جهد كبير للحفاظ عليها.
في جوهره، تحدي الـ 66 يوماً هو خطة بسيطة: اختر عادة جديدة ترغب في تبنيها، وابدأ بتطبيقها يومياً لمدة 66 يوماً متتالية. بعد مرور هذه الفترة، يصبح السلوك الجديد جزءاً طبيعياً من روتينك اليومي.
الأسس النفسية وراء تحدي الـ 66 يوماً
الفكرة الرئيسية وراء تحدي الـ 66 يوماً هي أن الدماغ البشري يحتاج إلى وقت لتشكيل اتصالات عصبية جديدة. هذه العمليات المعقدة تتطلب الاستمرارية والمثابرة. خلال الأيام الأولى من تحدي الـ 66 يوماً، قد تشعر أن التغيير صعب أو غير مريح، لكن مع مرور الوقت، تبدأ هذه التغييرات في التعمق داخل النظام العصبي، مما يجعل من السهل الاستمرار في السلوك الجديد.
يعتقد العديد من العلماء أن العادة لا تصبح فعالة وراسخة بين عشية وضحاها، بل هي عملية تدريجية. وكلما استمر الشخص في تكرار سلوك معين يومياً، تزداد قوة هذه الاتصالات العصبية بين خلايا الدماغ، مما يسهل تطبيق السلوك الجديد. هذا ليس فقط ما يحدث على المستوى العصبي، بل أيضاً على المستوى السلوكي والنفسي.
لماذا 66 يوماً؟
قد يعتقد البعض أن 21 يوماً، التي تُستخدم في بعض الأبحاث حول التغيير السلوكي، هي المدة الكافية لتكوين عادة جديدة. لكن الدراسة التي أجرتها ميشيل روبنسون استندت إلى أسس علمية متعمقة أظهرت أن 21 يوماً قد تكون فترة غير كافية لتحقيق التغيير الدائم. 66 يوماً هي المدة التي يمكن أن تضمن إعادة تشكيل الدماغ بشكل كامل لإدماج العادة الجديدة في الحياة اليومية.
بينما قد تختلف المدة الفعلية من شخص لآخر بناءً على طبيعة العادة، يشير الباحثون إلى أن 66 يوماً تعتبر فترة واقعية لمعظم الناس لتبني تغيير مستدام.
أهمية الاستمرارية في تحدي الـ 66 يوماً
الاستمرارية هي العامل الأهم في نجاح تحدي الـ 66 يوماً. عند تطبيق سلوك جديد بشكل مستمر يومياً، يتشكل في الدماغ “مسار عصبي” مرتبط بتكرار هذا السلوك. تكرار السلوك اليومي يساهم في تقليل الجهد الذهني المطلوب لأدائه، وبذلك يصبح أسهل وأقل تكلفة نفسية مع مرور الوقت.
على الرغم من أن فترة الـ 66 يوماً قد تبدو طويلة، إلا أن الاستمرارية تجعلها فترة قابلة للتحقيق. وحتى في الأيام التي قد تجد فيها صعوبة أو تشعر بالإحباط، يمكن للمثابرة أن تساهم في تعزيز قوة العادة الجديدة.
كيف يمكن تطبيق تحدي الـ 66 يوماً؟
الخطوات التي يجب اتباعها لتطبيق تحدي الـ 66 يوماً هي بسيطة وواضحة، لكن تحتاج إلى إصرار:
-
اختيار الهدف بوضوح: يجب أن يكون الهدف الذي تود تحقيقه محدداً وواضحاً. قد يكون هذا الهدف مرتبطاً بتغيير سلوكيات سلبية مثل التدخين، أو تبني عادات جديدة مثل ممارسة الرياضة يومياً أو تحسين النظام الغذائي.
-
وضع خطة واضحة: من الضروري وضع خطة واقعية لدمج العادة الجديدة في روتينك اليومي. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في ممارسة الرياضة يومياً، يجب أن تحدد وقتاً محدداً لممارستها وتلتزم به.
-
التتبع اليومي: تتبع تقدمك يعد من الأدوات الفعالة للحفاظ على تحفيزك. يمكن أن تقوم بتسجيل الأيام التي حققت فيها هدفك على شكل قائمة يومية أو استخدام تطبيقات الهواتف الذكية التي تساعد في تتبع العادات.
-
المرونة والتكيف: في بعض الأحيان، قد تواجه ظروفاً تجعلك غير قادر على تنفيذ العادة الجديدة في يوم معين. المهم هو أن لا تستسلم. حاول أن تكون مرناً ولا تلوم نفسك إذا فشلت في بعض الأيام، وواصل المضي قدماً.
-
التكرار والمثابرة: لتحقيق النجاح في هذا التحدي، يجب أن تلتزم بالتكرار اليومي. قد تواجه صعوبة في الأيام الأولى، لكن مع مرور الوقت سيصبح التغيير أكثر طبيعية.
التحديات التي قد تواجهها أثناء تحدي الـ 66 يوماً
على الرغم من فعالية هذه الطريقة، إلا أن العديد من الأشخاص قد يواجهون صعوبات أثناء تطبيقها. من أبرز هذه التحديات:
-
الإحباط في البداية: من الشائع أن يشعر الشخص بالإحباط بعد فترة قصيرة من محاولة تغيير سلوك ما. قد يشعر الشخص أنه غير قادر على الاستمرار، خصوصاً إذا كانت العادة التي يود تغييرها عميقة الجذور.
-
الملل: التكرار اليومي قد يكون مملاً في بعض الأحيان، مما يجعل الشخص يفقد حماسه. لكن من المهم أن يتذكر الفرد أن هذا الملل هو جزء من عملية التغيير، وأنه جزء طبيعي من التكيف مع العادة الجديدة.
-
الضغط الاجتماعي: في بعض الأحيان، قد يواجه الشخص مقاومة من المحيطين به عند محاولة تغيير عاداته. قد يتعرض لضغوطات من الأصدقاء أو العائلة الذين لا يتفهمون الهدف الذي يسعى لتحقيقه. لكن الشخص يجب أن يكون ملتزماً تجاه نفسه وأهدافه الشخصية.
-
تغيرات الظروف: قد تتداخل بعض الظروف الطارئة مع خطة الشخص لتحقيق هدفه. ومع ذلك، من المهم أن يبقى الفرد مرناً ويعدل خطته بما يتناسب مع الظروف.
كيف يعزز تحدي الـ 66 يوماً صحة العقل والجسم؟
بجانب تأثيره الكبير على تغيير العادات، يمكن أن يكون لتحدي الـ 66 يوماً فوائد عظيمة على المستوى العقلي والجسدي:
-
تحسين الصحة العقلية: الالتزام بتحدي الـ 66 يوماً يساعد في بناء الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة التحديات. هذا يساهم في تحسين الصحة العقلية وزيادة الشعور بالإنجاز.
-
التحفيز الذاتي: مع مرور الوقت، تصبح القدرة على تحفيز الذات أكثر قوة. يتعلم الشخص كيفية إدارة عاداته اليومية ومراقبة تقدمه بشكل مستمر.
-
تحقيق أهداف صحية: إذا كان الهدف من التحدي هو تحسين عادات صحية مثل ممارسة الرياضة أو تحسين النظام الغذائي، فإن الاستمرارية في التمارين الرياضية أو النظام الغذائي المتوازن على مدار 66 يوماً تساهم في تعزيز صحة الجسم وتقوية المناعة.
-
تعزيز العادات الإيجابية: مع التزام الشخص بتحدي الـ 66 يوماً، يمكن أن يساهم في بناء عادات أخرى إيجابية في حياته، مثل تنظيم الوقت أو تقليل التوتر.
الاستنتاج
يُعتبر تحدي الـ 66 يوماً أداة فعالة لتحقيق التغيير المستدام في حياة الأفراد. من خلال الاستمرارية والمثابرة، يمكن لأي شخص أن ينجح في تغيير عاداته أو سلوكياته، وتحقيق أهدافه الشخصية. وعلى الرغم من أن الرحلة قد تكون صعبة في بعض الأحيان، إلا أن النتيجة النهائية ستكون استحقاقاً مهماً لكل فرد يسعى للتطوير المستمر وتحقيق النجاح على المدى الطويل.
